حاول هذا المداخلة تبيين ما للّغة الأم والمجتمع من تأثير في تعلّم واكتساب اللّغة العربية انطلاقاً من تلك الحقيقة العلمية، المُجمع عليها من لدن علماء اللّغة، والتي مؤدّاها، أنّ اللّغة القومية للدارس لها تأثير يذكر في تحديد مقدار الصعوبة التي تعترض سبيل الدارس للّغة الأجنبية.
وفي الوقت نفسه تسعى، المداخلة، للإجابة عن تساؤلات، طالما شغلت بال الباحثين، وهي : هل توجد لغات صعبة ولغات سهلة ؟ وهل توجد لغة منطقية وأخرى غير منطقية ؟ وما مدى نسبية سهولة اللّغة أو صعوبتها ؟ وما هو تأثير اللّغة الأم في تعلم لغات أجنبية ؟
ولمّا كان للّغة القومية للمتعلّم أثرا كبيرا في تحديد مقدار الصعوبة التي تواجه الدارس للغة أجنبية، شاع، ومن باب التوهّم، مقولة القائلين : إنّ هناك لغات صعبة، ولغات أخرى سهلة زاعمين، على سبيل المثال، أنّ اللّغة الروسية أصعب من اللّغة الفرنسية. لأنّ إتقان لغة أجنبية أو سهولتها، أو على النقيض من ذلك صعوبتها، إنّما يتوقف على مدى تأثير لغة المتعلم القومية على اللّغة التي يتعلّمها ؛ ولذلك يبدو لنا أنّه في استطاعتنا تقرير، ومنذ البداية، وجود علاقة عكسية بين لغة المتعلم الأصلية، واللّغة الأجنبية التي تعلّمها.
وعلى قدر مدى التقارب بين اللّغتين، يتحدد النظر إلى صعوبة، أو سهولة تعلّم اللّغة الثانية. فكلما كان هناك تقارب بين اللّغتين في أصواتهما وأنظمتهما، كان ذلك أدعى إلى سهولة تعلّم اللّغة لثانية، بمعنى أوضح أنّ اللّغات المتقاربة، أو التي تكون من أسرة واحدة، تكون بينهما علاقة في النظام الصوتي والصرفي والنحوي والدلالي.
1 - هل توجد لغات صعبة ولغات سهلة ؟
لمّا كان للّغة القومية للدارس أثرا كبيرا في تحديد مقدار الصعوبة التي تواجه الدارس للغة أجنبية، شاع، ومن باب التوهّم، مقولة القائلين : إنّ هناك لغات صعبة، ولغات أخرى سهلة، زاعمين، على سبيل المثال، أنّ اللّغة الروسية أصعب من اللّغة الفرنسية. لأنّ إتقان لغة أجنبية أو سهولتها، أو على النقيض من ذلك صعوبتها، إنّما يتوقف على مدى تأثير لغة الطالب القومية على اللّغة التي يتعلّمها ؛ ولذلك يبدو لنا أنّه في استطاعتنا تقرير، ومنذ البداية، وجود علاقة عكسية بين لغة الطالب الأصلية، واللّغة الأجنبية التي تعلّمها.
وعلى قدر مدى التقارب بين اللّغتين، يتحدد النظر إلى صعوبة، أو سهولة تعلّم اللّغة الثانية.
فكلما كان هناك تقارب بين اللّغتين في أصواتهما وأنظمتهما، كان ذلك أدعى إلى سهولة تعلّم اللّغة لثانية، بمعنى أوضح أنّ اللّغات المتقاربة، أو التي تكون من أسرة واحدة، تكون بينهما علاقة في النظام الصوتي والصرفي والنحوي والدلالي(1).
فهذه الأنظمة الأربعة، قد تتقارب أو تتباعد بين لغة الدارس الأصلية، وبين اللّغة الثانية التي يرغب في دراستها.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة، فإنّ مسألة سهولة لغة، أو صعوبة تعلّمها، إنّما أمر نسبي. فالإسباني الذي يتعلّم الفرنسية مثلا، يجدها أسهل من اللّغة الصينية، في حين تكون هذه اللّغة الصينية نفسها أيسر تعلماً عند الكوري أو الياباني، لما بين اللّغتين من وجوه ائتلاف. أما أن يُدَّعى أنّ اللّغة الصينية صعبة، وأنّ الفرنسية لغة سهلة، فهذا زعم يفتقر إلى الدّقة العلمية.
2 - هل توجد لغة منطقية وأخرى غير منطقية ؟
من المتعارف عليه لدى اللسانيين أنّه لا توجد لغات سهلة منطقية، وأخرى صعبة غير منطقية. أجل إنّ أعضاء النطق عند الإنسان متشابهة لدى جميع البشر، وهي قادرة على أداء كافة الأصوات المستعملة في اللّغات. ولكن هذه الأعضاء تعتاد على نطق عدد محدد من الأصوات التي يستعملها الدّارس في لغته الأم، وعلى طريقة نظامها الصوتي. كما أنّ جميع اللّغات تشتمل على عناصر سماعية، وأخرى قياسية. وليس هناك منطق عام يحكم لغات البشر. ولذا يحسن بالدّارس ألا يفزع إلى لغته الأم، لمقابلتها ومقارنتها باللّغة الثانية التي يتعلّمها. فكل لغة لها منطقها الخاص بها.
وتاريخ الدّراسات اللّغوية أصدق دليل على عدم صلاحية المنطق أساساً للدّراسة اللّغوية.
فالمنطق لا يمكن أن يفسر لنا، لماذا كان تمييز الأعداد العربية من 3 إلى 10 جمعاً، بينما جموع الكثرة يأتي تمييزها مفرداً. فنحن نقول ثلاث مدارس، ومائة طالب(2). وكان المنطق يقتضي عكس ذلك تماماً. بمعنى أن يكون تمييز المائة والألف جمعاً، خلافاً لما هو قائم فعلا ًفي اللّغة العربية، ممّا يثير الدهشة لدى دارسي هذه اللّغة، بسبب هذا المسلك المع................. للمنطق،كما يألفه كل البشر.
وحتّى تتّضح الصورة لك، أيّها القارئ، نضرب لك مثالا آخر من شأنه التأكيد على أنّ اللغات لا تسير وفق منطق معين، وإلا اتّفقت اللغات جميعا في نظرتها إلى الموجودات.
فبالنسبة إلى مسألة التذكير والتأنيث مثلاً، نجد اللّغة الفرنسية تؤنث بعض الكلمات التي تعد مُذكرة في اللّغة العربية، أو العكس.
فالكلمات : la porte = الباب. و la maison = المنزل، و la rue = الشارع، و la mer = البحر، مؤنثة في الفرنسية، بينما هي مُذكرة في اللّغة العربية. وقد يكون العكس أيضاً. والأمر نفسه بالنسبة إلى اللّغة الألمانية، فهي تقسم الموجودات إلى ثلاثة أنواع: مؤنث ومُذكر ومحايد، خلافاً للفرنسية والعربية، حيث ينقسم الجنس فيهما إلى مؤنث ومذكر فقط.
فمن الكلمات المذكرة في الألمانية : Der baum = الشجرة، و Der apfel = التفاحة، و Der park = الإذاعة. والملاحظة الأولى على هذه الكلمات أنّها كلمات مؤنثة في اللّغة العربية، ممّا يخالف ظنّ القارئ أنّ هناك منطقاً يحكم اللّغات. فما يراه الفرنسي مُذكراً تجده لدى الألماني مؤنثاً أو العكس من ذلك، بل إذا تأملت الألمانية نفسها، وجدت فيها أمراً عجباً ؛ فهي تُعدّ كثيرا من الكائنات الحية في قسم المحايد، أي الذي لا يتّصف بالتذكير أو التأنيث. فمن تلك الكلمات المحايدة : das màdchen = البنت، و das fràulein = الآنسة، و das kind = الطّفل.
وعلى الرّغم من أنّ هذه الكلمات تدّل على أحياء يتميّز فيها الجنس، فإنّها عُدّت، من لدن الألمان، في مرتبة الجماد الذي لا يتّصف بالتأنيث، أو التذكير. شأنها في ذلك شأن الجمادات، كالذهب = das gold و الثلج = das eis، وdas glas = الزجاج، و das grab = القبر.
ولا شّك أنّه سيزداد عجب القارئ، لهذا الاضطراب لما تعدّه الألمانية جنساً محايداً كسيارة الأجرة التي تعني das taxi ، بينما السيارة das autobus ، والعرَبة يقصد بها der staz ، إذ تعدهما اللّغة نفسها جنساً مذكراً(3).
فلا يستطيع الإنسان مهما بلغ من الفطنة أن يدرك العلّة وراء هذه التفرقة بين هذه الكلمات التي تتشابه مدلولاتها، كسيارة الأجرة، والسيارة والعربة. بل لِتعلم أنّ الحصان = das pferd في الألمانية جنس محايد. بينما الحمار = der esel جنس مذكر. وغني عن البيان أنّه لا فرق بينهما من حيث الاختلاف في الجنس الطبيعي، فهما من فصيلة حيوانية واحدة.
وعلى الّرغم من هذا التناقض والتعارض المنطقي، فإنّ هناك شواهد كثيرة على هذه الحقيقة في سائر اللّغات. لذا يذكر لنا "فندريس" شيئاً عن اللّغة الفرنسية في هذا الصدد فيقول : "لا يمكن لإنسان كائناًَ من كان أن يقول، لماذا كانت المائدة والمقعد كلمات مؤنثة، في حين مقعد المطبخ والأريكة، ألفاظ مذكرة"(4).
أجل، إنّ تقسيم الموجودات إلى مذكر ومؤنث ومحايد، كما هو في الألمانية، شيء مقبول، يمكن إخضاعه للعقل والمنطق. بمعنى أن تقسم الكائنات الحية إلى مذكر ومؤنث، ثم بعد ذلك أن تكون الموجودات الأخرى كالجمادات والمعاني مثلاً، فمثل هذه يمكن أن تستقل بالجنس المحايد، حيث لا حياة فيها، ولا أثر للجنس على الإطلاق. وبهذا يكون التقسيم الثلاثي طبيعيا، ومنطقيا، كما هو الحال في الألمانية مثلاً. أمّا الشيء المعيب فيها والذي لا يخضع لمنطق ما هو أن نبعثر الموجودات كيفما اتّفق بين هذه الأقسام الثلاثة. فقد وضعوا مع الجمادات في القسم المحايد بعض الكائنات الحية. ثم نجد في قسم المؤنثات أو المذكرات بعض الجمادات.
وليس هذا وحسب بل قد وصل الخلط والاضطراب والعشوائية في هذه التقسيمات، أنّك تجد الأشياء المتشابهة المتماثلة قد تفرقت جذذاً في مختلف هذه الأقسام الثلاثة.
وما ذُكر لك من أمثلة في اللغة الألمانية يبيّن لك صحة ما ذهب البحث إليه، من أن اللغة لا تسير وفق منطق عقلي بالنسبة إلى هذه الظاهرة اللغوية. وليست اللغة العربية بدعاً في ذلك؛ ففيها أيضاً ما يدعم ما ذهبت إليه المحاضرة، إذ في لغة الضاد كلمات تكون مذكرة ومؤنثة في آن واحد. من دلك قول العرب إن "الحال" أنثى، ولكن أهل الحجاز يذكرونها، وربما أدخلوا فيها الهاء. قال شاعرهم :
على حالة لو أن في القوم حاتم = = = على جوده لضن بالماء حاتم
ومما لاشك فيه أن اللغة العربية تزخر بمثل هذه الألفاظ التي يجوز فيها التذكير والتأنيث. من أمثلة ذلك : السماء، والصاع، والمال، والنخل، والعنق، والقفا، والعاتق، والإبهام، والإبط، والعضد، والعجز، والنفس، والرحم، والطباع، وهكذا(5).
وليس هنا مجال تحليل، أو تعليل سرّ هذا التعارض، حيث يجتمع للفظ الواحد الشيء وضدّه. وليس من العقل أو المنطق أن يجتمع التأنيث والتذكير معاً في شيء واحد على الإطلاق(6).
3 - نسبية سهولة اللغة أو صعوبتها :
وبعد أن تعرفنا إلى بعض التراكيب وبعض المفردات في بعض اللغات، لعلّه تجلى لك، أيّها القارئ، أنه ليست هناك لغة منطقية محضة، وأخرى غير منطقية. وما السهولة أو الصعوبة التي نلمسها في بعض اللغات إلا ومردّها إلى قرب تلك اللغة الثانية، أو بُعْدِها من لغة الأم. فلا شك أن اللغات التي تنتمي إلى أسرة لغوية واحدة، تنطوي على خصائص صوتية وبنيوية ولفظية مشتركة. وهكذا يجد الإسباني أن اللغة البرتغالية أسهل من الألمانية، كما يجد الهولندي الألمانية أسهل من البرتغالية، فمسألة الصعوبة أو السهولة، إذن مسألة نسبية، ناتجة عن مدى تأثير لغة الأم سلباً أو إيجاباً على اللغة الأجنبية التي يدرسها المتعلم.
أما الزعم بأن هناك لغات صعبة، وأخرى سهلة على الإطلاق، فذاك خطأ يساق. لذا يرفض اللسانيون المفاضلة بين اللغات من حيث حلاوة جرسها أو جمال تراكيبها، أو طلاوة تعبيرها. ويرون أن تفضيلنا الجمالي للغة من اللغات، إنما هو نتيجة لاعتيادنا على سماع أصواتها، وألفة تراكيبها، وفهم تعبيراتها. ولقد سفّه "ابن حزم الأندلسي" رأي "جالينوس" الطبيب اليوناني، الذي زعم أن "لغة اليونانيين أفضل اللغات، لأن سائر اللغات إنما تشبه إمّا نباح الكلاب أو نقيق الضفادع"(7). فقال ابن حزم : "وهذا جهل شديد، لأن كل سامع لغة ليست لغته، ولا يفهمها، فهي عنده في النصاب الذي ذكر "جالينوس" ولا فرق"(
.
وفي مقابل كلام "جالينوس" هذا، نجد قول ابن فارس ونصه: "لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها"(9)، ويضيف قائلا: "فلما خُصَّ اللسان العربي بالبيان، علم أن سائر اللغات قاصرة عنه وواقعة دونه"(10).
والواقع أن العلماء ينظرون إلى اللغات نظرة متساوية من حيث قدرتها على التعبير عن جميع الخبرات الحسّية وقدرتها على التطور. ولا يقرون وجود لغات صعبة وأخرى سهلة بشكل مطلق، كما سبقت الإشارة إليه آنفا.ً وعلى الرغم من تباين اللغات في بنيتها الصوتية وتراكيبها النحوية، فإن مزايا أي لغة، تعادلها مساوئها. كما أثبت ذلك علم اللغة الحديث, أن بنية اللغات التي تسمى بدائية، لا تقل تعقيداً عن بنية اللغات الحضارية الكبرى.
وما يزعمه البعض من أن اللغة الإنجليزية سهلة، ولذا تيسر لها الانتشار، وأنها تخلو من تعقيدات اللغة الفرنسية، وصعوبتها(11). فقد نسي هؤلاء أو تناسوا أن صعوبات اللغة الفرنسية تلك، لم تَحُلْ دون انتشارها، ولم تقعدها عن تبوء مكانة اللغة العالمية الأولى لفترة طويلة، امتدت حتى الثلث الأوّل من القرن المنصرم. يقول إدوارد سابير: "حقيقة إن من يتعلم الإنجليزية لا يواجه في البداية كثيراً من الصيغ الصرفية التي يجب عليه حفظه، وهذا يعطيه انطباعا بعدم صعوبة هذه اللغة، ولكن سرعان ما يكتشف بكل مرارة أن ذلك مجرد وهم. لأن سهولة اللغة الإنجليزية في جانبها الشكلي سهولة زائفة، أو صعوبة مقنعة، تتجلى في غموضها المحيّر"(12).
4 - أثر اللغة الأم في عملية تعلم لغات أجنبية :
نخلص من كل هذا، إلى أن لغة الأم لها خطرها وأثرها الفعّال والدّائم على دارس اللغة العربية. فالملاحظ أن الأجنبي مهما تعلّم اللغة العربية، وتحدّث بها، فإنك لاشك واجد في لسانه لكنةً أعجمية، أو عثرات تكشف لك لأوّل وهلة أنه غريب عن اللغة. ولا يملك المرء، مهما وصل به بحثه ودراسته، ومعايشته للغة ثانية من إخفاء تأثير لغته الأصلية، لما تصبغه من صفات خاصة تتجلى في كلامه. ولعل أوضح مثال على ذلك هو هنري كيسنجر، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في سبعينيات القرن الماضي، الذي أمضى أكثر من ربع قرن طالباً وأستاذاً في أرقى الجامعات الأمريكية، ما زال يتكلم الإنجليزية بلكنة ألمانية.
ولو كانت اللغة تلقن دون تأثير من لغة الأم لاستطاع الأمريكيون تعليم "كيسنجر" اللغة الإنجليزية ونطقها كما ينطقها أهلها، مع ما هو مشهود له بذكائه واستعداده اللغوي. ولكن على الرغم من هذا كله، فلا مناص من تأثر لغة المرء بلغته الأصلية(13).
ولهذا لا يسوغ أن تأخذ القارئ الدهشة لعجز طالب غيني عن نطق هذه الأصوات لعدم وجودها أصلا في لغته الأم، مما يحمله على النطق بتلك الأصوات الجديدة بصورة تبعد قليلا أو كثيرا عن النطق العربي. وما ذاك إلا بسبب تأثير لغته الأم عن نطق اللغة العربية كما ينبغي أن تكون. ونحو هذا يقال في سائر الأصوات العربية التي لا مثيل لها في اللغات الأخرى. فالطالب التركي مثلا، لا يعرف في لغته صوت العين، ومعلوم أنه صوت حلقي مجهور احتكاكي فموي، يتم نطقه باقتراب جذر اللسان من جدار الحلق، دون أن يلامسه. لكن هذا الوضع اللساني غير مألوف في غير اللغات السامية. ولسنا نجده في اللغات الهندو أوروبية كالإنجليزية والفرنسية والألمانية. بينما يوجد هذا الصوت في العبرية والسريانية والعربية الجنوبية والأوجاريتية(14).
لذا يكون من المألوف أن نلاحظ أن هذا الصوت، أحد الأصوات التي يشق نطقها علة دارس اللغة العربية. ومن أجل ذلك يتحايل أمثال هؤلاء الطلبة في نطق هذا الصوت، حتى إنه يُعنيهم ويشق عليهم، ولم يكن أمامهم بد من التماس بديل لهذا الصوت، وغالبا ما يكون الخلاص أو إن شئت قلت التخلص من هذا المأزق باللجوء إلى أقرب موضع مألوف لمخرج هذا الصوت، لاقتناص صوت مألوف من لغة الدارس الأم. وعادة ما يكون هذا الصوت البديل هو الهزة.
فإذا شاء الطالب نطق كلمة "بائع" مثلا، فإنه يشق عليه إصدار هذا الصوت، وسرعان ما يجري على لسانه صوت الهمزة، لإلفها على لسانه وفي لغته، فتراه ينطق الكلمة "بائيء".
وغير خاف أن هذا النطق يخرج الألفاظ عن دلالتها، ويفقد اللغة وظيفتها في الفهم والإفهام. وما مرد هذا كله إلا لأثر لغة الأم على تعلم اللغة العربية.